Thursday, December 20, 2007

عيد الأضحى

بعد مضي اربع سنوات متتالية لم أصلي فيها صلاة العيد فقد نسيت طعم العيد وفرحته طوال هذه المدة، الأمر الذي هيج الشوق بداخلى لهذه اللذة المبهجة. وبالتالي قررت الا أنام وظللت مستيقظا طوال الليل مداوما على شرب اكبر قدر من القهوة مخافة النوم. وبالفعل قبل صلاة الفجر قمت بكي ملابسي وقررت أن أعمل نيو لوك، طبعا ما أجمل أن يدخل الواحد منا بيت الله في افخر ثيابه وأجمل ما يكون شكلا وموضوعا كمان. بعد صلاة الفجر غالبني النعاس لكنه لم ينل مني فقمت على الفور وخرجت من المسجد متجها إلى المقهى حيث مكثت هناك حوالى نصف الساعة وشربت قدحين من القهوة ثم بدأت تراتيل صلاة العيد تنبعث من المسجد فنهضت مسرعا إلى المسجد مرة أخرى وتوضأت وصليت ركعتين ثم جلست أردد مع الأخرين " الله أكبر الله اكبر الله أكبر لآ إله إلا الله" "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد" ثم أقبل رجل ساذج الملامح لا تبدو عليه سمات المشايخ وأمسك بمكبر الصوت ثم أضاف في صوت عذب طليق " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ، لا اله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ...... إلى آخر هذه التراتيل الجميلة حقا . أحسست أن كل كلمة من هذه الكلمات تتخلل كل ذي حس في داخلي وأحسست بسعادة غمرتني لا أستطيع وصفها ، لكني فوجئت بقدري المحتوم الذي ينغص علي كل إحساس يحمل نكهة الفرح، فوجئت برجل رث الثياب ضخم الجثة مطلقا لحيته جدا قد قام في ثورة من رأي منكرا ليغيره بيده وإن لزم الأمر فبسلاحه قد أخذ مكبر الصوت من الرجل ذي الصوت الرخيم وأعلن أن ما أضافه الرجل هو من بدع المتصوفة الخرفين وسأل الله العفو والعافية وكادت تنشب حربا بين الرجلين لولا تدخل المصلين، الأمر الذي جعل الرجل صاحب الصوت الجميل يتراجع ليترك مكانه إلى هذا الآمر بالمعروف الناهي عن منكر ومستحدثات الصوفية المختلة. ومنذ ذلك الحين فارقت الإبتسامة وجهي وأحل محلها العبس وذهب انشراح صدري وجاء مكانه كل إحساس بالغيظ والكدر حتى شعرت أنني أريد أن أصرخ أو أغادر الساحة مهرولا بلا رجعة
ولكن ما لم يدع لغيظي مصرفا أن الرجل كان ذو صوت أجهش غليظ منفر وكانت تلتبس عليه الكلمات وآه ثم آه عليه كلما أراد أن ينغم صوته، كان صوته يثير في داخلي كل مشاعر الإشمئزاز والزهق . ولم أكن وحدي من يتأذى من صوت الرجل إذ لم أبصر ابتسامة على وجه أحد. ولكن الأغرب والأكثر إثارة للدهشة هو ان إدارة المسجد لم تضع حدا لهذا الأحمق وإنما تركوه يكبر ويهلل كما لو كان حق مكتسب له. وبعد التكبير والتهليل قام م}ذن المسجد وقال قوموا للصلاة فنهض الجميع وصلينا وبعد اصلاة قام الخطيب وأخذ يسترسل في الكلام عن ابتلاءات الأنبياء وأنهى خطبته الركيكة دون ان يشير من قريب أو بعيد إلى ما حدث قبل الصلاة مما زاد غيظي وكان جل ما ذكره أن الأصح هو هو التكبير واتهليل والحمد فقط، أي أن صاحبنا ذا الصوت الرخيم كان مخطئا. طبعا أكيد الكل يستطيع أن يتوقع ما شعرت به أنا وغيري. أصبحت صلاة العيد خلاف ما كنت متوقع. لكنني قررت أن ابتسم مرة أخرى وجريت مسرعا إلى البيت لئلا تفوتني مراسم ذبح الخرف. وبعد الذبح وطقوسه نمت ثم استيقظت من نومي ولم يكن يستحوذ على تفكيري سوى مشهد الصباح الأمر الذي جعلني أستعين بأحد أصدقائي الدارسين وسألته عن شأن هذه البدعة التي ابتدعها المتصوف بعد أن ذكرت له أنها أعجبتني جدا فقال أنها ليست بدعة ولكن قالها الصحابة عند فتح مكة ولم يعترض الرسول عليه الصلاة والسلام. وبالتاي أحسست أن تعليقي الشخصي على الموضوع ليس له فائدة ولكني قررت أن أحكي الواقعة باختصار وبدقة ما أمكن فقط لأقول " انظروا ماذا يحدث في مساجدنا" وشكرا

Friday, December 14, 2007

ابتسامة بلا سبب

كانت أجمل هذا اليوم من كل يوم رأيتها حين رأيتها من خلف النافذة تخطو بثبات موقع مبتسمة بلا سبب: كانت دائما مبتسمة بلا سبب. هرولت إلى الباب ووقفت خلفه متوجسا يدي على المقبض, عيني نافذة من ثقب الباب وأذني منصتتان تماما تسمعان وقع أقدامها الصاخب إثر قرقعة حذائها وهي تصعد الدرج. فتحت الباب مسرعا حذرا ألا يراها أحد الجيران. دخلت..أول ما دخلت ألقت برأسها فوق كتفي وقالت: أود أن أنام هنا إلى الأبد". كانت تقول وكانت تقول وكنت أصدق. دائما كنت أشعر أنها مسكينة تحبني أكثر مما ينبغي .. أو أكثر مما أحبها

فاجئني غيابها كأني وردة غاب عنها ضوء الشمس بعد طول شتاء أو خريف

صرت اتصفح بعدها وجوه المارة في الشارع علّي أجد لها شبها .. علّى أراها صدفة .. لكنها لم تبدُ لي أبدا. ملت يدي المصافحة حين غابت عنها يدها. حين يجن عليّ الليل أسمع ترانيم ضحكتها صلوات غرام في أذني، أتلفت لا أجد شيئا، حتى إذا عدت عادت كأن بي هوس بها. أحبس أنفاسي أحيانا وكثيرا ما أشعر أني أكتم في صدري صرخة موقوتة كقنبلة أو أتمنع أن تزرف عيني عبرة يحسبها الرائي جوهرة تلمع من بعيد... أين هي الأن؟ .. لا أدري
كيف إذن ياليل أرقد مفرداً .. حتى أعضائي ملت وحدتي

واليوم تفاجئني الصدفة.. آه ما أقسى الصدفة حين رأيته واضعاً ذراعه محتضناً كتفيها ويداه تتدلى تلامس نهدها بينما هي، كما هي لم تزل تمد خيط بسمتها.. بلا سبب
نظرت له أتفحصه، هو الذي جاء بعدي ، ونظرت لها نظرة خاطفة ولم أطل النظر. وبعدما استدرت ركلت الحصى، نظرت إلى السماء هنيهة ثم نكثت رأسي وابتسمت، لا أدري لما ابتسمت
أظنها ابتسامة بلا سبب

Sunday, December 2, 2007

الحب بعد فقدان الذاكرة

كانت المدينة قد أفضت إلى النعاس وانطفأت أنوار الدور والحوانيت ورحل الناس عن الشارع الصاخب ذي الضجيج، وأصبح الليل سيد الموقف ، مسدلا ستائر الظلام على الأفق في ليلة بلا قمراستحال فيها النوم على راقد وحيد ظل يتقلب في سريره كسمكة خرجت للتو من الماء. لم تغمض له عين منذ أول الليل ولم يغفو ولو مرة. كانت عيناه شاخصتين في ظلام غرفته، تحيط بهما هالات سوداء، كأنه لم ينم منذ زمن بعيد. كان يؤرقه طول التفكير في حياته ومستقبله في بلده التي لم يعد بالفعل قادرا على التعايش فيها أو معها. فجأة قرر ألا ينام، فنهض يرتب غرفته بعد أن فتح النافذة وأطال النظر إلى السماء التي اتشحت بالسواد حيث نام القمر بينما هو يقظ لم ينم. أخذه التفكير فيِ شأنه المتعثر،وفجأة تفجر التذكار كيف حدث ذلك؟" ..كيف يحدث ذلك؟
ما الذي يمكن ان يتبقى لنا إذن؟
حبيبتي .. آه .. حبيبتي تركتها هناك تنتظر، على الرصيف ذاته. تركتها ولم أجيء
ما هذا الزمان الذي يشغلنا بتفاهاته عن سر وجودنا؟ ماذا نذكر إذاً إذا نسينا من نحب؟
كنت أسمع جدتي تعزي شرود الشاردين إلى أن الحب أخذ لبهم؟ والآن ماذا لو أن الشرود صار عن الحب؟ .. ماذا أقول لحبيبتي؟ هل قول نسيت ؟هل أطلب منها أن تسامحني ؟ أم أمضي حيث يعرف الآخرون ولا أعرف؟ باحثا عن الحياة في محلات الملابس ورابطات العنق والأحذية اللامعة أم في الصحف والمجلات ، أم أعود اليها مرتديا ثوبي المهلهل متقدسا في صرخة الجوع على صدرها فوق الفراش الخشن؟

Monday, November 26, 2007

حلم عابر


هجرت الشموس الوضاءة أفلاكها والنجوم
وانطوت السماء وتلاشى كل شيء
حين توقفت الأشياء جميعها عن الوجيب
وظننت اني في مدارات العدم أدور
كالثور في جناح الساقية - الذليل
لكنني بعد هنيهة بدات أستبين الكارثة
قدماي لم تواصلا المسير بعد أن تصلب الوحل
ويداي ظلتا تلوحان أملا في طلب المساعدة
عيناي شاخصتان تلتهمان منظر التلاشي والحطام
والناس مثلي كلهم واقف يحاول الركوض
والأيدي أجنحة تلتمس الفرار
والعرق مثل رائحة السموم يعبث بالخياشيم
ويضفي على الجلد إحساسا عميقا بالزهق
وحبيبتي كانت هناك لا تكف عن الصراخ

وبحار دنيا عشقنا لم تستطع
أن تحمل البشرى إلى أرواحنا المنهكة
وانسكبت فى ذلك العدم الفسيح

ثم اندلعت نارا تحرق الوجود بلفظها
-------------------------
أجدادنا الخالدين جاؤا كي لا نكون وحدنا

فاجئهم الصمت بعد أن عاد لهم الصوت

فقدوا الكلام بعد أن مات الحنين

بعد أن صارت نفوسنا

لا تبغي سواها من رفيق على هذا الطريق

حين تبلور المعنى وآل للتأويل

لم يختلف أحد حينئذ بل صدق الجميع

وكدت أصرخ في وجه كل صامت يحتبس الألم والأنين

كونوا حجارة أو حديدا

أو جسدا واحدا يإن متوحدا في لحظة العذاب

لكن كل فرد آثر الفردية في حشد الجميع

وظل يصرخ وحده أو يسب وحده

في حظه المشؤوم

يروح أو يجيء تائها

يستشعر المجهول ذي الرائحة الغريبة

والأداء الأسطوري العجيب

ويتمتم بأصوات لا حروف فيها

غير أنها من فرط صدقها قد أوتيت جوامع الكلام

أو يؤتي بالكلام راكعاً أمام عرش معناها المقدس الأثير

متلويا متشظيا لكي ينال فضلة الرقاد سالما

بين طيات المعنى والشهادة

حيث ذوبان الشبه والتشابه

حيث يمحق الأختلاف

فالدهشة مطلقة

والنفوس قد ردت إلى صورتها الأولى

ولم يعد لأي نفس بصمة أو انطباعا

قد تلاشى الفرد والمجموع

ومات الموت في كهفه المظلم ذي الغموض

ولون الشحوب المطلق متشحا بالسواد

قد أقسم على نهاية الموت وأقر بالخلود

ووقفت وحدي بين بين .. يقتلني الإزدواج

وأنا الذي لم أختر أن أكون هنا

Saturday, June 30, 2007

أشياء في الليل

كان مركب الأفكار يطفو بلا مجداف
فوق أمواج أحلامي اللانهائية
يبعث الضوء عبر الأفق
يلوح ربانه بثوبه المهلهل من بعيد
تغرق سفينته، يريد أن ينجو بأغراضه
ذات الملامح المنهكة الساذجة
وتمكن الضباب من المشهد
وتباعدت مع الأفق أشباح السفين
تناثرت انباء عن موته الأليم
وتناقل أفكاره أريج الصمت
بعد أن مات الكلام
في مهب عواصف الشتاء العنيد
كان يرجو - من الحياة- كل يوم قبلة
يطبعها على وجنة الشمس
كان يظن أن تغيب للأبد
مات وما زالت بهذا الفلك في دورانها العتيق
تراوض نفسها في دورانها المؤبد المحتوم
بأحلام كانت تداعب كاعبا
تستلقي على رمال أسطورية الرمال
ظلت تقوقع نفسها تحت المياه الدافئة
لم ترج في الأعماق غوصا ولم
تلق بالا للهرب
وكأنها
في موتها تلوذ بذل نفسها
وتستكين أمام قديس المدينة
تدلي باعترافاتها مساء كل يوم


قولوا له ميدان معركة الضمير تكسرت أوتاده
لأن ثورة القلب ذات الإندفاع المجنون
لم تعد إلا صوت الأنين بعد فقدان الذاكرة
حيث المكوث خلف قضبان الصمت
حافزنا الوحيد للبقاء أحياء بلا أرواح
أو موتى بلا قدسية للموت

..........................................

"If a man is a gentleman, he knows quite enough. And if he is not a gentleman, whatever he knows is bad for him". .... Oscar Wilde.