Saturday, March 28, 2009

untitled because the keyboard doesnt type Arabic letters

تحت سماء ترعد الغيوم فيها وتبرق، ترسل صواعقها الطولاء إلى الأرض، لا يزال هناك سرب عصافير يملأ الفضاء ، لا يخاف الرعد ولا يأبه بالبرق. نظرت عبر زجاج الحافلة، رأيت البسطاء الكادحين على وجوههم بؤس العراء تحت سماء رمادية اللون وشمس آثرت الخفاء، وكانت أعمدة توصيل كهرباء الضغط العالي ممتدة عبر النخيل البعيد.. وكان أحد الواقفين على قارعة الطريق يتحدث في هاتفه المحمول. كنت قد سمعت في الليلة السابقة عبر إحدى القنوات الفضائية أن أجهزة المحمول عرضة لجذب الصواعق: شعرت بالرغبة في فتح النافذة والصراخ في وجهه محذرا، لكنني آثرت السكوت.
في الباص صرخات بنات تعسات، قهقهة شباب فقد الذاكرة: هاهو أحد الأولاد يضرب على قفا البنت، وهاهي تصيح ضاحكة في ولولة أنثى ليلة المخاض. نظرت في ساعتي فإذا أنا متأخر على العمل. هناك فصل واحد أقوم بتدريسه هذه الأيام. وكنت قد اعتذرت في المرتين السابقتين عن الحضور من دون أسباب حقيقية. لكنني بالطبع اختلقت الأسباب. ظللت في مقعدي أنتظر إشارة المرور التي ظلت مقفلة أكثر من نصف الساعة؛ راحت عيناي خلالها تجولان عبر الأفق؛ تلتهمان المنظر العبثي الذي هو ركام القمامة المبثوثة على خواف الأرض الزراعية التي تبدو وكأنها شيء سقط على الأرضبغير قصد. فقد كانت مشوهة بفعل البيوت القبيحة التي أزيلت الأرض لكي تبنى بشكلها الوقح.
أناس وضيعون يمرون أسفل الكوبري في أعينهم تساؤلات لا ينتبهون إليها بينما أراها بكل وضوح.
الحديث ما زال مستمرا في مقدمة الباص حول تقنيات البحث. الحديث مازال مستمرا في المؤخرة عن موعد الحفلات في الملهى الليلي. والحديث ما زال في الشارع صامتا يقول بعبثية الوجود. والحديث في داخلي يؤمن ألا مفر من التناقض. التناقض تناغم!! كيف تجتمع القمامة والأرض الخضراء. الفضلات وسر البقاء؛ الرغبة في العلم والرغبة العارمة في المجون؛ ما يدور في داخلي وما يدور حولي؛ ما أراه بعيني وما أراه حينما أغمضهما؛ تلك اللحظات التي لا أنام فيها ولا أحيا؟!!
أريد سجنا أوسع من ذلك. حتى فكرة الهجرة تتطلب أن أكون مسجونا. أكره العمل فهو أيضا سجن. هؤلاء الطلاب السفهاء الذين لا يدرون لماذا هم أمامي. بدأت أكرههم رغم توحدي مع مأساتهم. نظام العمل البيروقراطي: كل هذا يدعوني للهروب من هذه الحياة. أنظر إلى النخلة وأجدها أحسن حالا: ثابتة في الأرض لا يضرها الريح إن عصفت؛شامخة في الأعالي كأنها شاهدة فوقية على ما يحدث على الأرض؛ تنظر إلى السماء كأنها متبتل يقضي الحياة ناسكا متأملا في إلهام وأحلام وصلوات.
حبيبي سبب فرحي وأشجاني؛ سبب لهفي وجذعي؛ سبب لذتي وألمي. حتى أنت ياحبيبي تثير في التناقض.
هاهو واحد آخريحمل فوق كتفه أدوات البناء وغبار الأسمنت تراكم على كل جسده وهو يعبث بسبابته في أنفه عله يتمكن من التنفس أو يستنشق هواءا نقيا. وهاهو آخر يرميني بنظرة عدائية عبر زجاج الباص، كأنه يريد أن يسبنى أو يلقي بي في الشارع ويركب هو مكاني ليتحاشى قسوة تقلب الجو. قلت في نفسي:"ماذا لو كنت راكبا الرولز رويس؟!". قال أوسكار وايلدذات مرة:" الفقراء غاضبون دائما وضجرون وأنهم على حق تماما في أن يكونوا كذلك". لملمت نظرتي بعيدا عنه، يكفيه ما فيه مما يؤرقه.
فوجئت بمكالمة المدير تقطع خيالاتي، للحظات نظرت إلى الهاتف وتملكتني رغبة في عدم الرد. لكنني فضلت الرد حتى لا يزداد موقفي ضعفا. انتهت المكالمة كما توقعت: الخصم هو العلاج المثالي للموظف المهمل.
حملق موظف شؤون العاملين في الورقة التي أكتب فيها وقال:" نفسي أعرف انت بتكتب ايه؟" نظرت إليه في غير اهتمام، أعدت النظر مرة أخرى عبر النافذة تم عاودت النظر إليه، وجدته لا يزال محملقا في الورقة. أهملته وواصلت ما أكتبه.
تعجبني فكرة أنني لم أرد عليه لأخبره عما أكتب. أشعر أن هذا ضايقه. أعجبتني نبرة البرود المصطنع المستفزة التي خاطبت بها المدير؛ كما أراحني أيضا عدم تحذيري للمتكلم في الهاتف المحمول تحت الصواعق. قلت في نفسي ماذا لو مات. فاجئني ردي الشيطاني:" الموت راحة للبؤساء أمثالي وأمثاله".

2 comments:

أسما said...

Really miss ur sarcasm... Know wht, whenever i feel like " don't even give a shit" ya3ny " don't even care " b el polite words, i remember u, and blame myself for thinking, when i used to meet u, that u r a cold, heartless being who doesn't care about anyone or anything. And now i'm dead sure that u r justified to b so, and we all now have reasons to b bitter... by the way, i'm leaving soon, not migration, but at least somehwere else 4 a while. Keep blogging :)

blue indifference said...

it's my pleasure that the only person who leaves a comment here is you. I believe that inside each one of us there's a world that is complex enough to capture our concern. live the life that is inside u that's my advice to u and to myself although i am not sure if this is right or wrong. Hope u go wherever u feel comfort and rest.