Wednesday, December 9, 2009

في الليل أشجان

حين تصبح حدود غرفتي الضيقة حدود الكون كله، حين أرقد في ظلامها فلا أرى النور الذي قد يهديني لأي طريق، يصبح سقف غرفتي المظلمة كسماء ليلة خريفية مظلمة عاصفة يتناثر فيها الغبار وتتساقط أوراق الشجر. حين يفارقني النوم لأنني أشعر كأني أحمل عبء الكون كله في صدري، أحتاج إليك وأناديك.

حين تصبح حدود غرفتي حدود الكون كله، حينما تضغطني الحيطان بقوة وتكاد روحي تزهق و تزداد أنفاسي حرا، أبحث في هاتفي عن أحد أشكو إليه. لا أدري ماذا أشكو لكني أريد أن أتكلم وأريد أحدا أن يسمع. أضغط السهم لأسفل، أستعرض قائمة الأسماء، أظل أقلب حتى أنتهي من جديد. ألقي بالهاتف على السرير. أتأمل أرجاء الغرفة: هي تشبه الكون كله. أؤمن أن الجنة في القلب وأن النار في القلب، وأن الغرفة سوف تتسع وتتسع إذا أنا مبتهج وسعيد؛ وأن الكون سيضيق إذا أنا حزين وسيصبح مثل الغرفة. إني حزين؛ حزين جدا.

حين تصبح حدود غرفتي حدود الكون كله، منطقي جدا أنني، ورغم تواصل السهر ليلتين كاملتين، لا أستطيع أن أنام. منطقي جدا أن أبقى يقظا في الرابعة فجرا وعليَ أن أعمل من الثامنة صباحا حتى العاشرة مساء. منطقي جدا و أنت حزين أن تكون مستهترا. أنا دائما مستهتر. منطقي جدا أنك لا تهتم بمعاناة الآخرين، كما أنه منطقي جدا ألا تجد أحدا تشكو إليه.

حين تصبح حدود الغرفة حدود الكون فاعلم أنك حزين. واعلم أن الرغبة في البكاء قد تداهمك من حين لآخر: تستتر أحيانا لتباغتك فجأة.

تريد أن تبتسم لكن وحتى أن كذب قلبك، سوف تسبه الشفاه وتتهمه بالنفاق. إحزن إذاً إذا الحزن جاء. إحزن ولكن لا تمت. فهناك دائما فرحة في الطريق إليك سوف تزيح همك وتذهب بحزنك. احزن فالحزن تطهير لنفسك ولكن لا تطهرها بالموت.

حين تصبح حدود الغرفة حدود الكون ويتمكن الحزن منك فاسكت، ولا تدع صوت الهذيان والشكوى يذهبون بما بقي لك من وقار. احزن

فقط ولكن لا تمت، ولا تجن، ولا تقتل هيبة الحزن بتفاهة الشكوى. انعتق، وفجر دموعا لن يقدر قيمتها سوى الظلام في أنحاء غرفتك، أو في أرجاء كونك الشاسع الذي لا تعرف فيه أين طريقك أنت بين ملايين الطرق. احزن واذهب بعيدا عن كل الأعين ولا تعد إلا إذا استطعت الابتسام. ولا تتعاطف أبدا مع من ترك دموعه تجري أمامك، هو لم يصن دموعه فكيف تصنها أنت.

اهرب بحزنك، وقوي هو من يهرب من الألم؛ أقوى ممن يواجهه لأنه يتألم أكثر في الوحدة والفكر وانشغال البال.

قل لي ياحزن إلى متى ستظل كلماتي صرخات أطلقها تدوي في سماء غرفتي.تقطعت أحبالي الصوتية وأصبحت بلا صوت.فاسمع صوتي يا الله.

3 comments:

أسما said...

الكلام ده هنا من امتي؟ انا كدة قلقت تاني... يا رب تكون بخير يا محمود
:)

بالنسبة للي انت كاتبه انا عاجبني جملتين قاسيين اوي بس صح اوي و حساهم
" لا تقتل هيبة الحزن بتفاهة الشكوي
" لا تتعاطف ابدا مع من ترك دموعه تجري امامك، هو لم يصن دموعه فكيف تصنها انت"
بس تعرف الكلام ده بيحس به اوي اللي موجوع و نفسه يشتكي بيحس ان شكواه بتقلل من هيبته و وقاره، بيحس بالضعف... بس مش كل الناس بتشوفه ضعيف، و لا كل الناس ينفع نشتكيلها، ساعتها الهيبة كلها هتروح، و اسأل مجرب
:)

blue indifference said...

yes ya soma I'm fine and everything is just alright. I agree with what you said but sometimes there are some complaints that we can not ever pay except to ourselves in the presence of the almighty god. Some other times a complaint is just a desire to vent, in this case you have to find a friend from the opposite sex I guess. But the worst of all things is when the person who listens to you doesnt really listen as much as s/he retrieves their similar experiences and start telling you similar stories. In this case you will be left with other people's miseries when you wanted to get rid of yours!!

أسما said...

Absolutely true, specially the opposite sex part ;) !!!